مَثَلُ من يطلب الحديث ولا يتفقه؛ كَمَثَل الصيدلاني، يجمع الأدوية ولا يدري لأي داءٍ هي حتى يجيء الطبيب، هكذا طالب الحديث؛ لا يعرف وجه حديثه حتى يجيء الفقيه، رضى الله عن الامام الشهيد أبو حنيفة النعمان، بحث عن أبو حنيفة النعمان فى صيغة شؤال وجواب هو ما نقدمة فى هذا المقال
من هو الإمام أبو حنيفة النعمان؟ ولماذا سمى بهذا الاسم؟
هو الإمام الأعظم أبو حنيفة النعمان المولود في الكوفة سنة ٨٠ هحرية وتنحدر أصوله إلى إحدى الأسر الفارسية وقد أسماه أبوه النعمان تيمنا بأحد ملوك الفرس، وهو أشهر الفقهاء غير العرب.
وقد ورث عن أبيه وأمه حبهما لآل بيت النبي حيث كان يضمر الكراهية لبني امية لفظائعهم وجرائمهم وخطاياهم في حق الأمة.. وكان أبوه تاجرا كبيرا فعمل معه وهو صبي، وقد تعلم أصول التجارة وأسرارها وقد لفت نظر أحد الفقهاء آنذاك بسبب أمانته في البيع والشراء، حتى نصحه قائلا:
“عليك بالنظر في العلم ومجالسة العلماء فإني أرى فيك يقظة وفطنة”.
ما هو وصف الامام أيو حنيفة النعمان؟ وكيف بدأ رحلته فى العلم؟
وقد كان طويلا نحيلا اسمر اللون .. وبعد سنوات من الانقطاع لتحصيل العلم وحضور حلقات الدرس وبعد أن صار عاشقا للمرور على حلقات الفقه وعلم الكلام والتفسير وغيرها، فوجئ بوفاة ابيه الذي ترك له وقتها متجرا كبيرا للحرير يدر عليه ربحاً ضخماً ، وهو ما دفع أبو حنيفة للبحث عن شريك له يدير تلك الأعمال حتى يتفرغ هو للتحصيل وتلقي العلوم الشرعية، وراح يدرس على أيدي شيوخ كثيرة في الكوفة، ثم استقر به المطاف عند شيخ واحد تاثر به فلزمه إلى أن مات فتولى النعمان مكانه في المسجد حيث كان قد بلغ الأربعين من عمره، وقد وزع وقته بين العمل في التجارة وتحصيل العلم حتى ان التجارة أفادته في الفقه، حتى وضع أصول التعامل التجاري على لساس وطيد في الدين ، وكان يقول: إن أبا بكر الصديق رضي الله عنه – هو مثله الأعلى في التجارة، فقد كان يتحلى كتاجر بحسن التعامل والتقوى ويرضي بالمكسب البسيط الذي يرفع شبهة الربا.
فمثلا جاءت امرأة تبيع له ثوبا من الحرير وطلبت ثمناً له مائة درهم وعندما رأى الثوب قال لها : ” هو خير من ذلك ” فزادت مائة، فقال: “هو خير من ذلك” ثم زادت حتى طلبت أربعمائة درهم فقال لها: “هو خير من ذلك” فقالت المرأة غاضبة اتهزا بي؟ فقال لها: “هات رجلا يُقَومه ، فجاءت برجل فقدر ثمنه بخمسمائة !! وقد أتت إليه إمراة أخرى كي تشتري منه ثوبا، فقال: “خذيه باربعة دراهم” فقالت له : لا تسخر مني وانا عجوز ، فقال لها: “إني اشتريت ثوبين فبعثت إحداهما برأس المال إلا أربعة دراهم فيبقى هذا الثوب على اربعة دراهم”،
وذهب إلى حلقة الدرس في إحدى الأيام وقد ترك شريكه في المتجر ، وقد أخبره أن ثوبا معيبا من القماش وعليه أن يكون امينا في كشف هذا العيب لمن يشتريه ولكن الشريك باع الثوب دون أن يخبر الذي اشتراه بما فيه من عيوب !! وظل أبو حنيفة يبحث عن المشتري ليدله على العيب ويدفع له بعض مما دفع من ثمن الثوب غير انه اخفق في العثور عليه فتصدق بثمن الثوب كله وانفصل عن شريكه…
وقد كان ابو حنيفة يربح كثيرا من تجارته غير انه لم يكن مما يدخرون الأموال فكان يتصدق بها على الفقراء خاصة – على تلاميذه.
كان الإمام الأعظم يرتدي الحلة الفاخرة ويتزين ويتطيب بأطيب العطور – خاصة – عند قيامه للصلاة .. وقد رأى ذات مرة احد تلاميذه في ثياب رثة، فأعطاه في يده ألف درهم ونصحه في هدوء لا يسمعه أحد: “أصلح بها حالك” فقال له الرجل : لست في حاجة إليها فانا ثريا ولكني زاهد في الدنيا، فقال ابو حنيفة : أما بلغك الحديث ؟ إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده.
كان الإمام أبو حنيفة شديد التواضع والزهد أيضا، وكثير الصمت وقليل الكلام لا يفتي إلا إذا سئل ، وإذا أساء إليه أحد صبر عليه .. وقد أفتى بجواز تولي المرأة جميع المناصب العامة حتى القضاء.
ما مدى انتشار مذهب أبو حنيفة النعمان؟
يُسمى المذهبُ الحنفي مذهبَ أهل الرأي، وهو أقدم المذاهب الأربعة، وصاحبه هو الإمام أبو حنيفة النعمان، وقد نشأ المذهب الحنفي بالكوفة موطن الإمام أبي حنيفة، ثم تدارسه العلماء بعد وفاة شيخه ببغداد، ثم شاع من بعد ذلك وانتشر في أكثر البقاع الإسلامية، فكان في مصر والشام وبلاد الروم والعراق وما وراء النهر، ثم اجتاز الحدود فكان في الهند والصين، حيث لا منافس له ولا مزاحم، ويكاد أن يكون هو المنفرد في تلك الأصقاع إلى الآن
ما هو منهج أبو حنيفة النعمان؟
اما عن منهجه فهو قياس المسالة على اخرى ليردها إلى أصل من أصول الكتاب والسنة واتفاق الأئمة .. فيجتهد.. وكان يقول: “إذا أشكل عليك شي فارحل إلى الكتاب والسنة والإجماع فان وجدت ذلك ظاهرا فاعمله ، وإن لم تجده ظاهرا فرده إلى النظائر واستشهد عليه بالأصول، ثم أعمل بما كان إلى
الأصول اقرب وبها اشبه”.
وقد أفتى ( رضى الله عنه) بان للبالغة أن تزوج نفسها وهي حرة في اختيار زوجها ثم أفتى بعدم جواز الحجر على احد لأن في الحجر إهدار للآدمية وسحقا للإرادة..
وهو الذي افتى بان الشك لا يلغي اليقين وضرب مثلا قائلا: بان من توضا ثم شك في أن حدثا نقض وضوءه . ظل على وضوئه فشكه لا يضيع يقينه.
وقال أيضا: لا يحق لأحد أن يمنع المالك من التصرف في ملكه .. ولا ان يحكم على مسلم بالكفر ما ظل على إيمان بالله ورسوله، حتى لو ارتكب المعاصي، ومن كفر مسلما فهو آثم، وقد أفتى أيضا بننابة قراءة الإمام في الصلاة تغني عن قراءة المصلين خلفه فتصح صلاتهم دون قراءتهم اكتفاء بقراءة الإمام وحده ) ، ولقد أثار هذا الرأي عاصفة الاحتجاج والاعتراض عليه فتجمع حشد كبير من الناس حوله لمحاورته فطلب أن يتحدث معه أعلمهم لأنه لا يستطيع أن يتحدث معهم جميعا.
فانابوا واحدا قالوا عنه : إنه أعلمهم فساله أبو حنيفة إن كانوا يوافقون على أنه إذا ناظر من اختاروه يكون قد ناظرهم جميعا؟ فوافقوا فقال لهم أبو حنيفة : وهكذا نحن اخترنا الإمام فقراءته قراءتنا وهو ينوب عنا” فانصرفوا مقتنعين.
أقرأ أيضا أبو جعفر المنصور
ما أشهر كتب الإمام أبو حنيفة النعمان؟
- كتاب الفقه الأكبر
- كتاب الفقه الأبسط
- كتاب مسند أبي حنيفة
لماذا رفض أبو حنيفة تولى المناصب العامة؟
وقد رفض تولى المناصب و على راسها منصب القاضي حتى سجنه الأمويين وجلدوه وعذبوه حتى تورمت رأسه وفي السجن تذكر امه الحزينة فبکی و ساله جاره في السجن عما يبكيه وهو الفقيه العظيم القوي الشامخ الصلب، فقال ودموعه تنساب على خديه: “والله ما أوجعني الـسـيـاط بــل تذكرت أمي فالمتني دموعها”.
واستشهد أبو حنيفة على يد خصومه، وهو الذي أفتى بعدم جواز شهادة الوزير لأنه يقول للخليفة إنا عبدك فإن كان صادقا فلا شهادة لعبد، وإن كان كاذبا فلا شهادة لكاذب !!
رحم الله الشهيد الفقيه .. المجتهد العادل التقى .. الإمام الأعظم أبو حنيفة النعمان فقد مات شهيدا على يد خصوم الدين وهو في السبعين من عمره.
للاطلاع أكثر حول الامام أبو حنيفة النعمان اضغط على اللينك السابق.